الردود على الأباطيل _ الحلقة الأولى
ما هو الإيمان؟؟؟
يطرح أحد أولئك هذا السؤال؛ يطرحه... ويجيب على نفسه!! بمفرده؛ فلا يسمع إلا صوت نفسه؛ سؤال نفسه؛ وجواب نفسه؛ فيقتنع بنفسه بجواب نفسه وبصوت نفسه؛ ثم يصدق اقتناعه؛ ثم بعدها ينبري بنفسه لنفسه؛ وبعدها ينبري إلى العالم عبر أحد المواقع؛ ولسان حاله يقول طالما انا اقتنعت فغيري سيقتنع. وأمثال أولئك في الحقيقة كثر؛ وهم يأخذون وينقلون من بعضهم البعض؛ لهذا فإننا لو ناقشنا واحداً منهم فكأننا نناقش الجميع؛ وسأعمل على مسح أطروحاته؛ والأطروحات التي تختلف عنه قليلا.
ولكن بدلاً من أن يكون صوته وحيداً هناك.. ولا من مجيب عليه؛ فيبقى موقع ذاك أو ذاك بلا ردود؛ ليظن القارئ (المار بشكل سريع على موقعه) أن صاحب هذا الموقع فطحل من الفطاحل وأنه جاء بالشيء الذي ليس له مرد؛ بدلاً من ذلك؛ سنأتي بأطروحاته وأطروحات معلميه الصناديد ونعالجها (لكي لا يكون صوته وحيد وأسئلته وحيدة وأجوبته وحيدة) ولتكون طريقة العلاج مُـتاحة للجميع ليتقنوها هم الآخرون؛ ويعالجوها بدورهم أينما حلّوا؛ سواءً في شبكات الويب؛ أم على الواقع.
ندخل في الموضوع المعنون أعلاه؛ يقول هذا الصديق متسائلاً عن تعريف الإيمان: "الإيمان: هو أن تدرك بأن هذه النظرية صحيحة ولكن من دون دليل عقلاني"... ويقول ،أقصد يسأل: [هل أنت (يا قارئ موقعي ويا سامع صوتي) هل أنت مضطر إلى ذلك؟؟]... ويتابع مستطرداً؛؛؛ [اذا كنت بين خيارين أحدهما عقلاني والآخر طوباوي فأي الخيارين تتخذ؟... لا شك أنك كعاقل ستأخذ الخيار العقلاني وإن لم تكن عاقلاً فإنك لا تآخذ في قرارك...]
قبل أن أكمل مسيرته الصوتية الفردية؛ أتوقف عند حالة شخصها على القارئ لكي يقع القارئ في خانة ضيقة؛ لينساق وراء صوته فلا يسمع إلا صوت الداعي!! وهذه نقطة مهمة عليكم الانتباه إليها وإيقاف أي مدع عن كلامه حتى يصحح طريقة الطرح؛ إذ بطريقة الطرح يُحدد مسار النقاش.
هو يفرض ومن أول خطوة؛ أن الإيمان بالله هو مجرد نظرية؛ وأنك باختيار هذا الإيمان تكون سلكت المسار اللاعقلاني؛ هو فرض وحتّـم منذ بداية الطرح ورود اللاعقلانية بمجرد أنك تختار الله كإيمان في قلبك (أي سد عليك المنافذ منذ الوهلة الأولى)
أقول ولما لا... دعوني أسايره؛ ليس محاباة؛ بل لأني بالفعل سأختار الدليل العقلاني باستخدام عقلي وليس باستخدام نهجه الذي حتمه على القارئين في بدئه بالطرح!!!
يقول هذا المدعي ضارباً مثالاً يعلم القارئين كيف تستخدم عقلك؛ بأنه: لدى أحد الأشخاص كلب رباه منذ صغره؛ وبجواره جارة تحضر الجان وتتصل بهم؛ ولديه صحن على الطاولة فيه قطعة من اللحم؛ نام هذا الرجل ثم استيقظ ليجد الصحن فارغاً! فكيف سيعرف من أكل قطعة اللحم تلك؟ يقول: أمامه فرضيتان؛ أحد الجان الذين تحضرهم الجارة قد أكلها؛ أو كلبه هو من أكلها.. وهاتان الفرضيتان غير مدعومتين ببراهين عقلية ولا منطقية؛ فهو لن يستطع سؤال الجان كونه لا يراهم؛ كما لن يستطع سؤال الكلب كونه لا يتقن اللغة الكلبية .
فلحل هذه المسألة كما يرى هذا المدعي؛ بأن يأخذ ويتبنى الحل العقلاني حتى يثبت العكس بدليل دامغ يثبت أحد الفرضيتين؛ والحل العقلاني هو أن كلبه هو من أكلها
أيضاً وقبل أن أكمل ترديد صوته الذي يسمعه بمفرده؛ أريد أن أتوقف على المثال الذي حصره علينا وضيق عابثاً السُـبل أمامنا؛ وهو حال كل أولئك؛ فدائماً يطلقون عليك أمثلة خاصة فردية لا تحتمل الخيارات الأخرى؛ فلماذا فرض علينا قصة الجان؛ لماذا لم يفرض وجود أحد من بني الآدميين يعيش في نفس شقة هذا الشخص؛ ليكون السارق إما كلبه وإما الذي يعيش معه!! على الأقل هنا تكون ممارسة تبني الحل العقلاني أكثر مهارة في معرفة السارق!!!
حسنا ههههه حسناً أعرف ماذا سيجيبك؛ سيجيبك بأن الجان هي حالة غيبية تماثل حالة الله الغيبية وعليه فإن فرضه للجان في القصة صحيح... نعم يبقى صحيح ضمن موقعه وساحته التي يغني فيها وحيداً حال جميع المواقع والمنتديات ذات الصوت الواحد والإيقاع الواحد؛ أما هنا فإني أقول بان كلامه وحجته باطلة وغير صحيحة.... لأن الله لا يماثل الحالة الغيبية للجان؛ السبب؛ أن من أبلغ عن الله هم الرسل؛ وهم من البشر (فلا وجود للحالة الغيبة!!)
أيضاً حسناً حسناً.... سيقول بأن جارته مربية ومحضرة الجان هي التي تمثل حالة الرسل والأنبياء؛ فتلك الجارة تدعي وجود الجان (حتى أنه يقول في أطروحته الشيقة لو سألت جارتي فستخبرني بأن أحد الذين تحضرهم من الجان هو من أكلها لتثبت أن حقاً لديها جان) أعيد؛؛؛ فتلك الجارة تدعي وجود الجان؛ وأولئك الأنبياء والرسل يدعون وجود الله!!! هذا بزعمه؛ ولكن... أنا مستعد الآن لأذهب إلى عند جارته العزيزة وتحضر لي الجان لأرى كم من الجان ستحضرهم لي ويمسوني!!!... لدي حالتين:
1- إن لم تستطع؛ وكانت كاذبة (وهذا ما يريده صديقنا؛ أنها مدعية وأن الرسل مُـدعون وكاذبون)؛ فإن الرسل أُيدوا بالمعجزات والبراهين؛ وهي مُـثبتة في التاريخ!! لا يستطع أحد إنكار التاريخ؛ وتلك المعجزات كثيرة يصعب ذكرها كلها هنا.
2- وإن استطاعت تلك الجارة إحضار الجان ومسوني؛؛؛؛ هههههه عندها يكون صديقنا هذا وكل موضوعه هباء منثوراً... لأننا نكون قد لمسنا وجود الجان ولم تعد حكاية الجان كحالة غيبية!!! والمثل بالمثل؛ فالله كذلك ليس بحالة غيبية!!
إذاً هو حصرنا بجارة وبكلب... حتـّم عليك خيارين فقط.... لأجل غاية واحدة وهو حصرك في زاوية ضيقة؛ يقلل معها إمكانياتك لدحض ما سيجيء به؛ ولكن هيهات هيهات.
ولأجل الدعابة أقول؛ ما حال هذا الكلب الخائن الذي يأكل طعام من رباه!! ما أعرفه؛ هو أن الكلب وفي... وهذا يعني بطلان مثاله الهش من أساسه.
وعلى كل عندي مثال آخر استوحيته منه؛ ماذا لو أن للكلب صحن فيه عظمة؛ وبينما كان الكلب يلهو أمام المنزل قام صاحبه بأخذ العظمة لأنه رآها متعفنة وأراد أن يستبدلها بأخرى نظيفة وصالحة؛ وفجأة تعب الكلب وعاد لبيته الصغير فلم يجد العظمة!! تُـرى ماذا سيفعل الكلب؟.... هل سيشك بصاحبه بمن رباه؟ أم سيستخدم حاسته في الشم ليبحث عن العظمة حتى يجدها في مكان ما ربما في الحاوية؛ هذا هو حال الكلب؛ فمتى يستخدم الإنسان عقله؟؟ بدلاً من استخدام أسوأ ما لديه من صفات وهي الشك؛ ولا أقول بأن الشك عديم الجدوى ومقيت... بالعكس؛؛ الشك في أمور يوصلك إلى الحقيقة؛ ولكن باستخدام عقلك!! وباستخدام صحيح... اما أولئك فإن جلّ ما يتسمون به هو الشك وسوء الظنون!!!
طيب؛؛؛ نعود:
فبعد أن طرح بتبني الخيار العقلاني بأن الكلب هو من أكل لحمته إلى حين يثبت العكس (بالمناسبة؛؛؛ عندي سؤال؛ متى سيثبت العكس؟؟.... هل سيرى الجان يوماً ما؟؟ أم سيأتي يومٌ ما يتقن معه اللغة الكلبية فيسأل الكلب يومها عن الحقيقة؟
) ههههه.... لابد وأنه سيموت ولن يشفي غلَّ قلبه وهو ينتظر الدليل الداغم؛ لطالما بقي يحصر نفسه وقارئيه ضمن هذا المثال المحدود جداً والذي يليق بعقل نملة!! وهل للنملة من عقل؟
إذاً أكمل؛؛ بعد تبنيه خياره العقلاني؛ يخبرنا عمّا قاله الفيسلوف كانط [لا يوجد دليل عقلاني على وجود الله... ولا يوجد دليل عقلاني على عدم وجود الله]... ويضيف؛ [وهنا بيت القصيد]
ويضيف أيضاً [فكما هو المنطق في القانون (المتهم بريئ حتى تثبت ادانته) كذلك القانون في الوجوديات (كل شي غير موجود حتى يثبت وجوده)]
داعياً بنظره المحدود [بأنه من الخطأ القول (كل شيء موجود حتى يثبت عدم وجوده) كالخطأ في القول (المتهم مدان حتى تثبت برائته)]
ويختم حكايته بأن [تفكيرك هو دليلٌ على وجودك؛ وشكك هو دليلٌ آخر... فأنت تفكر إذاً أنت موجود؛ وأنت تشك فإذاً أنت موجود]
وبعد أن تيقّـن (بعد سماع صوته بمفرده واقتناعه بصوته) من أنه حصر نفسه والقارئ بهذه الهرطقات؛ وأنه أحكم السيطرة على العقول وظنّ أنه عتيد وفطحل ومن الأشاوس وتأكد من أنه أتى بالحجة الدامغة وأنه بلغ عقول الناس وقلوبهم؛ رفع يديه للسماء وقال [هيا ارفعوا أيديكم معي ورددوا معي: اللهم يارب السماوات والارض لا تجعلنا من المؤمنين... امين امين امين... والحمد لله رب العالمين]
طيب؛؛؛
آتي إلى كانط؛؛ الشق الثاني من مقولته (وعلى فكرة انا هنا آخذ بالسعي وراء تبني الفكر العقلاني الذي دعانا إليه صديقنا على خلاف صديقنا ذاته الذي وضعها في وجهه وفي وجه الآخرين وأسبقها بمثاله عن جارته وبكلبه الغير وفي؛ وأعفى نفسه من حوار كانط أو التفكر فيه ولو قليلا؛ ومثاله ذاك أراد منه ايضاً أن نعفي أنفسنا عن البحث بالفكر العقلاني والتأثر بجارته وبكلبه الشقي الذي يأكل لحمته؛ بمعنى آخر هو نفسه من تهرب من الفرضية العقلانية هذه المرة؛ اتبعها مع كلبه ولم يتبعها في مقولة كانط!!!)
الشق الثاني من مقولة كانط؛ "ولا يوجد دليل عقلاني على عدم وجود الله" ماذا تدل؟؟؟... تدل على أنه لا يمكنك جلب أي شيء مهما تقادم الزمن يثبت عدم وجود الله؛ فهذا الخلق وهذا الكون الفسيح لا يبرر وجوده شيء إلا من أوجده وخلقه!! وفي هذا اعتراف بأن الله موجود؛ إذ لا دليل عقلاني ينفي وجود الله مع هذا الكم من الخلق والإبداع الذي فيه!!!!
أما وبالشق الأول من مقولة كانط "لا يوجد دليل عقلاني على وجود الله" فإن هذه المقولة واقعة في إطار الشك بوجود الله وليست واقعة في إطار إثبات عدم وجوده... وهو ذاته "أي كانط" استئنفها بالجملة التأكيدية على وجود الله "ولا يوجد دليل عقلاني على عدم وجود الله" والجملة الاستئنافية يا أصدقائي ممن هم شاطرين باللغة وببلاغتها أن الجملة الاسئنافية عادة ما توضح الغموض والالتباس!!
عدا عن ذلك كله؛؛ فإن الشق الأول من المقولة "لا يوجد دليل عقلاني على وجود الله"؛ بقدر ما هي واقعة في إطار الشك؛ بقدر ما هي تثبت صورة عجز العقل البشري عن إيجاد ولو دليل واحد على عدم وجوده من الأصل!!!
والشق الثاني من هذه المقولة يدحض شقها الأول؛ بل ويثبت وجود الله!!
ومع ذلك... مع كل ذلك؛؛ ولو خُـيّـرت بين العقلانية والطوباوية؛ فسأختار العقلانية وصولاً للإيمان بوجود الله تعالى كونه لا يمكن أن أقبل بوجود الكون هذا كله بدون خالق "وهذا يتفق مع الشق الثاني من مقولة كانط"
بينما الطوباوية سأتركها للطوباويين أمثال هذا الصديق؛ الذي يتعامى عن كل الأدلة الموجودة في كل جزء وفي كل جزيء من أركان هذه المعمورة... يتعامى عن كل تلك الأدلة والشواهد التي رصدتها العين البشرية والعين التلسكوبية والعين المجهرية؛ يتعامى عنها كلها ويضعها في جيبه؛ ويقول لك لا يوجد دليل عقلاني على وجود الله......... إذاً فأين هو عقلك؟؟؟... اعتقد بأن عقلك هو قطعة اللحم تلك التي أكلها كلبٌ ما!!! من المؤكد ليس كلبك؛ فكلب صاحبه وفيٌ له. أقول وبدلاً من أن تسأل عن قطعة اللحم وتبحث عنها؛ ابحث وفتش عن عقلك... لتفكر فيه!
ولن أساله عن عقله المفقود فحسب.... بل أسأله لماذا تعاميتَ أيضاً عن الشق الثاني من مقولة كانط؟؟....
وعقلانياً (طالما تدعي عدم وجود أدلة دامغة) أيهما أقرب للعقل وللمنطق .... وجود خلق متوازن بخالق... أم وجود خلق متوازن بدون خالق!
لكن صديقنا أحكم التمسك والتبني بالعقلانية مع الكلب.... ولم يحكمها مع عقله ذاته.... فذكر مقولة كانط "بنسخ ولصق" وهرب من موضوعه ذاته وختمه بتلك المقولة؛ على أساس (وهذا ظنٌ منه) أنه أتى بالدليل القاطع!! فعادةً وعندما يأتي احدهم بدليل قاطع يختم أقواله بقول حكيم أو فيلسوف... وهذا ما فعله صديقنا!.
الشيء الصعب تكلمنا عن طريقة علاجه لتمارسوها مع أشباهه... خذوها مجانية مني وبلا مقابل ... لكن لا تنسوني من الدعاء بظهري
أما الآن فبقي أمامنا الشيء السهل واليسير؛؛؛ أذكركم بما قال:
ويضيف أيضاً [فكما هو المنطق في القانون (المتهم بريئ حتى تثبت ادانته) كذلك القانون في الوجوديات (كل شي غير موجود حتى يثبت وجوده)]
داعياً بنظره المحدود [بأنه من الخطأ القول (كل شيء موجود حتى يثبت عدم وجوده) كالخطأ في القول (المتهم مدان حتى تثبت برائته)]
ويختم حكايته بأن [تفكيرك هو دليلٌ على وجودك؛ وشكك هو دليلٌ آخر... فأنت تفكر إذاً أنت موجود؛ وأنت تشك فإذاً أنت موجود]
أولاً هذه المقابلة خاطئة بكل شيء؛ فلسفياً ومنطقياً.. فالمتهم هو كائن موجود.... بينما "كل شي غير موجود" هو غير موجود!!؛ ....يا أخي هو يقول أنه غير موجود!! فكيف سأناقش شخصاً يفرض علي بالغصب أن هناك شيء غير موجود ولم يترك لي احتمالاً واحداً بأنه موجود!!... هذه مغالطة كبيرة!! أليس كذلك؟؟
هو يقول [أنه من الخطأ القول أن المتهم مدان حتى تثبت برائته].... حسناً وبذاتِ معياره السابق... أنت تتهم الله... أو بالأحرى تتهم من أخبرنا بوجود الله (الرسل والأنبياء) بأنهم كاذبون.... طيب؛ كيف اعتبرتهم مدانون حتى تثبت برائتهم؟
فلماذا لم تعتبرهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم!!!!.... (أرى بأن هذا الصديق لا يتقن لا الفلسفة ولا المنطق على الإطلاق.... ولكن أحسبه سمع بشيء اسمه فلسفة... فقط سمع بها )
هيا أثبت إدانتهم... ماذا تنتظر؟.... ولا تنسى أن تجلب معك دليلٌ واحد (ما بدي كتير بس واحد) على عدم وجود الله.
وعن آخر جملة سهلة منه (إذ لم يتبق شيء عنده فقد أفلس تماماً)؛ سأجيب بينما أتناول رشفة قهوة ساخنة من الفنجان الصيني؛؛ فتفكيري هو دليل وجودي .. نعم وأجل ولا أختلف معه... وشكي بقدرات هذا الصديق لهو دليلٌ آخر على وجودي!!!
ووجودي لهو الدليل الإضافي على وجود من أوجدني.... كم هي لذيذة القهوة التي أحضرها بنفسي.
© October 24 2007 ___ Eng. Assem
