الإندبندنت تؤكد رواية المفكرة لمذبحة بساتين النجف
- منقول من موقع بناء؛ ترجمة السيد وليد نور
مفكرة الإسلام: نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرًا عن المجزرة التي شهدتها مدينة النجف في يناير الماضي بين عشائر عربية شيعية والقوات العراقية الموالية للاحتلال، أكدت فيه الرواية التي سبق للموقع نشرها عن تلك الحادثة.
وأشارت الصحيفة البريطانية في التقرير الذي أعده مراسلها في بغداد "باتريك كوكبرون" إلى أن هناك شكوكًا متزايدة في العراق حول القصة الرسمية الحكومية للمعركة التي وقعت خارج النجف بين طائفة عراقية شيعية، وبين قوات الأمن العراقية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، وهي تلك المعركة التي أسفرت عن مقتل 263 شخصًا وإصابة 210 آخرين، حيث إن الأدلة تؤكد على أن تلك القصة الحكومية ملفقة، ولعل الدليل على ذلك هو في تلك الخسائر الكبيرة التي تشير إلى أن ما حدث كان مذبحة وحشية.
وتقول الصحيفة: إن صورة الأحداث الحقيقية توضح أن ما جرى هو اشتباك بين قبيلة شيعة عراقية كانت في طريقها إلى "الحج" إلى مدينة النجف، في إطار الاحتفال بذكرى عاشوراء، وبين نقطة تفتيش عسكرية عراقية الأمر الذي أدى إلى تدخل القوات الأمريكية بشكل مدمر في هذه الاشتباكات.
وترجح الصحيفة أن تورط "أحمد الحسني" (الذي يعرف كذلك باسم "أبو قمر")، والذي يعتقد نفسه المهدي المنتظر، في هذه الاشتباكات كان عرضيًا ولم يكن مقصودًا على وجه الإطلاق.
وتشير الصحيفة إلى أن رواية الأحداث التي ظهرت على مواقع إنترنت عراقية مستقلة، وفي الصحف العربية تختلف كلية عن الرواية الحكومية الرسمية للمعركة ممن أسمتهم بجند السماء والذين كانوا يخططون للهجوم على النجف من أجل قتل زعماء الدين الشيعة بحسب الرواية الحكومية، حيث أنكرت تلك الطائفة أن تكون قد شاركت في هذا القتال مؤكدة على الطابع السلمي للحركة.
ثم تسرد الصحيفة الرواية الصحيحة لتلك الحادثة بما يتفق مع نقلته "مفكرة الإسلام" في هذا الصدد والذي كان لها السبق في الكشف عنه، فتقول الصحيفة: بدأت الحادثة على ما يقال عندما تحرك موكب مكون من 200 شيعي مشيًا إلى الأقدام إلى النجف من أجل الاحتفال بذكرى عاشوراء، وكان هذا الموكب من قبيلة الحواتمة التي تعيش بين مدينتي النجف والديوانية جنوبي العراق.
وصل ذلك الموكب إلى منطقة الزركة التي تبعد ميلاً واحدًا عن مدينة النجف قرابة الساعة السادسة صباح يوم الأحد العاشر من محرم (28 يناير)، وكان يقود هذا الموكب رئيس قبيلة الحواتمة، الحاج "سعد سعد نايف الحاتمي" وكان يستقل هو وزوجته سيارته من نوع "سوبر تويوتا سادن" موديل 1982 وذلك لأنهما كانا لا يستطيعان المشي مثل بقية الموكب.
عندما وصلت سيارة "نايف الحاتمي" إلى نقطة التفتيش العسكرية العراقية، قامت نقطة التفتيش بإطلاق النيران دون إنذار فقتلته هو وزوجته وسائقه "جابر رضا الحاتمي"، الأمر الذي أثار غضب القبيلة، ولأن الموكب كان مسلحًا بالكامل نظرًا لسيره بالليل، فقد قام الموكب بمهاجمة نقطة التفتيش للانتقام لرئيسهم المقتول.
وتتابع الصحيفة قائلة: حاولت قبيلة أخرى تدعى "الخزاعلة" تعيش في منطقة الزركة التدخل لإيقاف القتال، غير أنها وجدت نفسها واقعة تحت نيران القوات العراقية، في هذه الأثناء، كان الجنود والشرطة في نقطة التفتيش قد قاموا بالاتصال بقادتهم وأخبروهم أنهم يتعرضون لهجوم من تنظيم القاعدة، وزعموا أن المهاجمين لديهم أسلحة متقدمة، على إثر ذلك توجهت التعزيزات من القوات العراقية إلى المنطقة وقامت بمحاصرة قبيلة الحواتمة في البساتين القريبة، حاول رجال القبيلة ـ دون جدوى ـ للوصول إلى مهاجميهم لدعوتهم إلى إيقاف إطلاق النار.
بعد ذلك وصلت المروحيات الأمريكية إلى منطقة المعركة حيث أسقطت منشورات على عشيرة الحواتمة جاء فيها: "إلى الإرهابيين، استسلموا قبل أن يتم قصف المنطقة"، استمر رجال القبيلة في إطلاق النار فأصيبت مروحية أمريكية وسقطت على الأرض، مما أدى إلى مقتل طاقمها المكون من اثنين، غير أن رجال القبيلة يؤكدون أنهم لا علم لديهم إذا كانوا هم من أسقطوها أم أسقطت بنيران صديقة.
على إثر ذلك شنت الطائرات الأمريكية قصفًا جويًا حادًا على المنطقة، مما أدى إلى مقتل 120 من رجال القبيلة والسكان المحليين بحلول الساعة الرابعة صباح يوم الاثنين.
المجموعة الشيعية التابعة لأحمد الحسني، والتي هي على خلاف مع السلطات العراقية في النجف، تورطت في ذلك القتال لأن مقرها يقع في منطقة الزركة، وقدّم وجودها عذرًا سهلاً وفرصة للقوات العراقية والأمريكية لارتكاب تلك المذبحة.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن عشيرتي الحواتمة والخزاعلة من العشائر العربية الشيعية المعارضة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ولحزب الدعوة الشيعي، والطرفان يسيطران على مدينة النجف ويكونان الجزء الأكبر من الحكومة العراقية.
وتقول الصحيفة: إن تلك الرواية وإن رفضتها المصادر الحكومية الرسمية، إلا إنها تقدم تفسيرًا للتفاوت الكبير بين الإصابات الحكومية، والتي لا تزيد عن 25، وبين تلك الخسائر في صفوف معارضيهم ما بين قتلى وجرحى.
ولعل مما يؤكد تلك الرواية أن السلطات العراقية قامت على إثر ذلك بإغلاق الموقع ومنعت المراسلين الصحافيين من الحديث مع الجرحى.
وكانت "مفكرة الإسلام" قد انفردت وسبقت إلى نشر حقيقة تلك الاشتباكات في يوم الاثنين (29 يناير) أي في ذات اليوم الذي انتهت فيه تلك الاشتباكات.
وقد تسببت رواية "مفكرة الإسلام" لحقيقة تلك الاشتباكات في شجار حاد بمجلس النواب العراقي، بعد أن تحدى أحد النواب السنة الحكومة العراقية في تكذيب تلك الرواية.
© 17_02_2007, Eng. Muhammad Gassem