الأمثال العربية
- إن الأمثال لدى جميع الشعوب مرآة صافية لحياتها.. تعكس بكل دقة وجلاء الصورة النقية لمعظم عاداتها وتقاليدها وعقائدها..كما تعكس سلوك أفرادها ومجتمعاتها.. بحيث غدت الميزان الرقيق لتلك الشعوب في رقيها وانحطاطها.. وبؤسها ونعيمها وآدابها ولغاتها.
كما أن الله عز وجل ضرب الأمثال في كتابه.. ففي سورة الحج" {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}الحج73".. وضربها رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كلامه...
فما بالنا بالأمثال العربية التي نمت بين أفياء أمتنا وتناهت إلى أسماع الناس جيلا بعد جيل.. إنها بلا شك تكشف عن طبيعة حياة العرب والمسلمين.. وتجلي كثيرا من مظاهر هذه الحياة.. التي لم يهتم بها الشعر كثيرا
هذه الأمثال هي تراثنا.. التي قد بلغ فيها العرب شأنا لا يدرك.. وسلكوا فيها كل مسلك.. كما أرى أن لها قيمة عظيمة على صعيد التربية والتعليم والتثقيف والأخذ بالكلام الصحيح والبليغ...
فالحكمة تنتج عن التجربة.. ولذلك نجد مجموعة الأمثال عند العرب هي حصيلة تجاربهم في الحياة التي كانوا يخوضون فيها بكل قوة... أما أسلوبها فقد أصاب المعنى وحسن التشبيه مع ايجازه
وبالتأكيد كانت تشكل جزءا لا يستهان به من أدب المسامرة عند العرب.. هذا الأدب الذي يتكون من أقاصيص القرآن الكريم وأخبار السيرة النبوية الشريفة.. ولم يكن أدب المسامرة ولا الأمثال وحكاياتها من صنع الخيال.. بل كان رواتها رجالا مشهورين كانوا يشكلون همزة الوصل بين القديم والحاضر
ومن هنا جاء اهتمامي بها شخصيا.. وحب قراءة هذه الأمثال.. فأجد نفسي أعيش مع مطلقيها قصة قديمة.. لكنها حدثت بالفعل.. فأفتح عينيّ على حكمة لم أكن قد رأيتها من قبل أو سمعت بها..
فأحببت نقلها لكم..ومشاركتها معكم بقد استطاعتي.. من أجل حفظ تراثنا العربي الغالي.. الذي سيصنع مستقبلنا المشرق المشرف باذنه تعالى.... واتمنى من الجميع.. كل من يعرف مثلا ويعرف قصة انطلق فيها.. فليكتبه لنا.. دعونا نتبادل تاريخنا....
لنبدأ إذاً............... وسأحاول أن أنقل لكم من كتابي كل ما هو جديد في أول المقال... أي انطلاقاً من بداية الموضوع:
كان راعي الغنم يرعى قطيعه على شاطئ البحر.. وجلس يفكر وهو ينظر إلى البحر الهائج لم لا يكون تاجرا ويقوم بالرحلات في عرض البحر كما يفعل التجار عادة؟
واستولت عليه الفكرة حتى باع قطيع الغنم واشترى كمية من البلح وابحر ليبيعها
ولكن هبت عاصفة عنيفة هددت باغراق السفينة.. واضطر القبطان أن يطرح في البحر حمولة البلح لتخفيف ثقلها.. وهكذا عادت السفينة الفارغة إلى اليابسة بسلام... وبعد فترة طويلة مر عليه عابر سبيل وعرف قصته.. وعندما لفت نظره إلى هدوء البحر وسكون الأمواج قال الراعي:
يا سيدي! اني أعتقد" أنه يريد مزيدا من البلح" .. ولهذا فهو هادئ... فصار مثلا
قيل أن رجلا كان له كلب.. وكان يسقيه اللبن ويطعمه اللحم ويسمنه ويرجو أن يصيد به أو أن يحرس غنمه.. فأتاه ذات يوم وهو جائع.. فوثب عليه الكلب وأكله.. فقيل:" سمّن كلبك يأكلك" فذهبت مثلا
يحكى أن رجلا شابا كان يسافر على ظهر ناقته في البادية... فقابل في طريقه كبيرا في السن.. يريد أيضا أن يصل إلى طرف الصحراء.. فاتفقا على أن يسيرا معا فلا يحسا بالوحدة...
وأثناء سيرهما سأل العجوز عن سبب سفر الشاب في هذه الصحراء.. فأجابه الشاب أنه يريد أن يعثر على زوجة تشاركه في حياته.. وأكملا طريقها بهدوء
فلما شعر الشاب ببعض الملل من السكوت.. قرر أن يفتح موضوعا ليتحدثا به.. فقال:"أتحملني أم أحملك يا شيخ؟"
فلم يرد الشيخ.. بل تعجب في سره:" ما بال هذا الرجل.. كل واحد فيهما تحمله ناقته..فكيف أحمله ويحملني؟؟!"
اكملا طريقهما.. حتى إذا وصلا إلى حقل للقمح.. وهناك بعض العمال يقومون بقطافه.. فسأل الشاب العجوز:
"هل قطف القمح أم ما زال في أرضه؟"..
وأيضا لم يرده الجواب من الشيخ.. وفكر العجوز أيضا باستغراب:" ألا يرى هذا الشاب أن الرجال يقطفونه الآن؟؟.. فلماذا يسأل؟؟"
أكملا سيرهما بهدوء.. حتى مرا بجنازة ميت يحمله أربع رجال في تابوت.. ويسيرون إلى قبره.. فسأل الشاب أيضا:
"هل مات هذا الرجل أم لم يمت؟"
فطفح كيل العجوز وقال:" ألا ترى أنه موضوع في تابوت وأهله يبكون عليه؟؟.. فكيف لم يمت؟"
تابع الاثنان سيرهما حتى وصلا إلى بيت العجوز.. فاقترح على الشاب أن يبيت عنده هذه الليلة على أن يكمل مسيره في الصباح.. فوافق الشاب على ذلك..ودخلا إلى بيت العجوز
وكان للعجوز ابنة شابة تعيش معه.. فلما دخل على غرفتها سألته:" من هذا الشاب يا والدي؟"
فقال:" هذا رجل قابلته في الطريق.. لكن أراهن بأن له عقل غير سويّ على الاطلاق" وروى لها حكايته مع هذا الرجل..والأسئلة الثلاثة
فقالت:" يا أبي.. سؤاله الأول.. أتحملني أم أحملك.. كان قصده.. هل يبدأ هو بالحديث عن نفسه.. أم أنت تبدأ بالحديث.. أما سؤاله عن القمح.. فيقصد هل تم بيع هذا القمح أم مازال رهنا بزارعيه... وأما سؤاله عن الميت.. فقد قصد أن يسأل.. هل لهذا الرجل أولاد يحملون اسمه من بعده أم لا"
فابتسم الوالد وقال:"وافق شن طبقة" وقد كان اسم الرجل الشاب: شن.. أما الفتاة فقد كانت تدعى: طبقة
فتزوج شن وطبقة..
وراح قول الأب" وافق شن طبقة" مثلا
زعموا أن رجلا شابا خرج يطلب حمارين لأهله.. فمر بطريقه على امرأة متنقبة جميلة في النقاب.. فقعد معها ونسي الحمارين.. وشغله ما سمع منها من حسن حديثها وما رأى من جمالها بالنقاب.. فلما أسفرت عن وجهها إذا لها أسنان مكفهرة منكرة مختلفة.. فلما رآها ذكر الحمارين فقال:
"ذكرني فوكِ حماريّ أهلي" وذهب قوله مثلا
© 2006, Layla AL Moazen
Return To Literary Gate